علِّي و علِّي و علِّي الصوت

March 16, 2011 by
Filed under: Articles, مقـــالات عربيـــة 

موقف الشــرعية الثــورية من التعديلات الدستورية

بقلم* نضال صقر

كنا نهتف أثناء الثورة بهذا الهتاف ضد الطاغية الذي جثم على صدر الوطن لثلاثة عقود.  أما الآن و للأسف أخذنا نردد نفس الهتاف و لكن ضد بعضنا بين معارض للتعديلات الدستورية و مؤيد لها.

في الحقيقة التعديلات الدستورية تمثل أولى التجارب الديموقراطية خارج محيط ميدان التحرير، إذ أن كل يوم من الإعتصام كان يحفل بضرورة الإختيار بين مواقف مختلفة، إجتازها الثوار جميعها بمنتهى الحضارية التي ميزت ثورة الأحرار في مصر.  و يغيب علينا جميعاً أن الأولوية المطلقة هي للمشروع الوطني برمته و أن المسائل الإجرائية لفترة إنتقالية لا  يجب أن تأخذ منا كل هذا العبث و التأويل و إعادة التأويل، بل و إن قمة العبث ما رأينا من قيام البعض بمحاولة الحجر على الرأي الآخر عن طريق رفع دعاوى قضائية لوقف الإستفتاء، و هي ذات التقاليد التعسفية للنظام السابق الذي أسقطته الثورة.

لو إستعرضنا الجدل الدائر حول التعديلات و أسبابه لوجدنا أنه يعود لأي سبب سوى مصلحة مصر الثورة و حقيقة مصر الثورة، و هذا أمر غير مستبعد حيث أن “رموز الفتنة” لم تصنعهم الثورة، بل و يجهدون في محاولة نسب الثورة لأنفسهم و أبوتهم الروحية لها، في حين أن الثورة لم تأت إلا بقدر من الله و عنايته و بإخلاص الثوار، و هذا ما يعرفه كل من شارك في الثورة.  هذا بالإضافة إلى وجود عناصر لاتمثل حتى الأقلية تهدف لإستغلال فتنة التعديلات و الحشد لرفضها و ذلك كستار لإلغاء بنود دستورية محل إجماع من الأغلبية.

التعديلات الدستورية و الشرعية الثورية:

تمخضت ثورة الخامس و العشرين من يناير عن شرعية جديدة تلغي ما عداها من شرعيات و هو ما أصطلح عليه بالشرعية الثورية.  تتمثل الشرعية الثورية بمطالب جماهير الثورة كما أعلنوها في الميدان و ليس كما يعلنها من يدعي تمثيل الثورة أو الثوار.  هذه المطالب التي تمثل جزءً لا يتجزأ من الشرعية الثورية نصت بكل وضوح على: “برلمان منتخب يقوم بعمل التعديلات الدستورية لإجراء إنتخابات رئاسية” كما هو موضح بالصورة المرفقة لمطالب الثورة من ميدان التحرير.

 

الفارق في الحياة السياسية بعد رفض أو قبول التعديلات:

رفض التعديلات الدستورية يعني إطالة أمد حكم العسكر، و هو مبدأ ترفضه الشرعية الثورية، و تعطيل الإنتقال إلى الحكم المدني لمدة تراوح العامين يجري فيها إنتخابات رئاسية و صياغة دستور جديد في ظل غياب كامل لحكم الشعب من خلال البرلمان الذي يفترض إنتخابه في نهاية العامين.  الشاهد هنا أن رفض التعديلات يمهد إلى وجود رئيس دون رقابة برلمانية شعبية و في غياب دستور من قبل لجنة غير منتخبة و كليهما في ظل حكم عسكري، و هذا بالطبع إضفاء دستورية على ديكتاتورية مطلقة لم توجد حتى في ظل النظام السابق و لا في أي نظام ديكتاتوري في العالم أجمع.

أما قبول التعديلات فيعني الإنتقال إلى سلطة مدنية كاملة قبل نهاية العام الحالي من خلال إجراء إنتخابات مجلس الشعب في بداية الصيف و يعقبها إنتخابات رئاسية في نهاية الصيف و صياغة دستور جديد من قبل لجنة منتخبة من أعضاء مجلس الشعب المنتخبين شعبياً ثم عرضه للإستفتاء الشعبي قبل إقراره و ذلك خلال ستة أشهر من تشكيل هذه اللجنة.

سأستعرض هنا أهم أسباب كل من الداعين لرفض أو قبول التعديلات الدستورية، و وجاهة هذه الأسباب، ثم تقييم المصلحة الوطنية في كل من الموقفين.  و الأهم من كل ذلك محاولة إعادة توجيه البوصلة لخدمة المشروع الوطني و تحقيق حلم كل من يحب مصر بعودتها إلى صدارة ركب الحضارة.

أولاً: دستور 71

حجة الرافضين للتعديلات الدستورية تستند إلى رفض دستور النظام المخلوع، و الإصرار أو إدعاء الإصرار على الشرعية الثورية الجديدة.  كما يصر الرافضون أن الثورة خلقت شرعية ثورية جديدة أسقطت شرعية النظام السابق و دستوره.

في الحقيقة أن إسقاط شرعية الثورة لأي شرعية سابقة هو محل إجماع لدى كل من الرافضين و الموافقين على التعديلات و يبقى الحكم هنا هو الحقيقة و الواقع الذي سيأتي صادماً لنا جميعاً.

في 13 فبراير 2011، أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة في بيانه الخامس تعطيل الدستور، أكرر تعطيل الدستور، و حل مجلسي الشعب و الشورى.  بمعنى آخر أن الدستور الذي يتحجج به الرافضون غير معمول به أصلاً، و من هنا فإن كل الجدل الدائر بخصوص هذه المادة أو تلك و بقاء إستمرار دستور 71 هو من باب “الكلام الفارغ”، و في الحقيقة أسباب بعض رموز الرفض ليس لها علاقة بدستور 71 و إنما محاولة للإلتفاف لتغيير بعض بنود الدستور على خلاف ما يراه غالبية المصريين من ناحية، و تثبيت حكم أفراد كان الثوار يهتفون ضدهم في الميدان أصلاً من ناحية أخرى.

ثانياً: حكم العسكر

أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة منذ اليوم الأول بعد تنحية مبارك حرصه على الإنتقال السلمي لسلطة مدنية منتخبة ديموقراطياً في غضون ستة أشهر، و هذا و لاشك موقف وطني يحسب للقوات المسلحة، إذ لا يمكن لأي عاقل أن يطالب بحكم عسكري بدلاً من حكم مدني ديموقراطي عن طريق إنتخاب حر و نزيه و لأي سبب من الأسباب، و هو للأسف أيضاً موقف الطامعين في الترشح للرئاسة، و هو ما يعد سابقة تاريخية في أي مكان في العالم.

ثالثاً: الشرعية الثورية الجديدة

يصر الرافضين للتعديلات الدستورية على أن الثورة فرضت شرعية ثورية أسقطت شرعية النظام السابق و دستوره.  و هذا أيضاً محل إجماع و نحتاج هنا جميعاً أن نتعرف على هذه الشرعية الثورية الجديدة، ثم إسقاط هذه الشرعية على أرض الواقع.

النظام كما نعلم جميعاً سقط بتنحي مبارك و ما يجري الآن هو تطهير ما بعد السقوط و ما يعنيه من تفكيك و التعامل مع البنية التحتية للظلم و الفساد، و ينطبق هذا على الدستور بعد تعطيله حيث أننا نعيش الآن في ظل أحكام عرفية دون حقوق دستورية ينص عليها دستور، و هذا بالطبع وضع إستثنائي يتحتم علينا تجاوزه دونما تلكع أو إبطاء.

أما الشرعية الثورية فقد عبرت عن نفسها من خلال مواقف و تصريحات و يافطات لا يخطؤها كل من تواجد في الميدان حتى من قبيل الزيارة، و أي حديث عن الشرعية الثورية خارج نصوص مطالب الثورة هو بمثابة قفز على الثورة و إنقلاب على الشرعية الثورية.  و قد نصت الشرعية الثورية و بكل صراحة و وضوح على أن تسبق إنتخابات مجلس الشعب أولاً أية إنتخابات رئاسية، و أن مجلس الشعب هو من يشكل لجنة صياغة الدستور و ليس الرئيس، و هذا تماماً ما جاءت به التعديلات الدستورية إستجابة لمطالب الشرعية الثورية بالتحديد.

رابعاً: التعديلات الدستورية و الإعلان الدستوري

التعديلات الدستورية هي عبارة عن إنتقاء للمواد المنظمة للعملية الإنتخابية من الدستور المعطل و إضفاء تعديلات عليها لإزالة الموانع المقيدة للحرية السياسية.  و الحقيقة أن عرض التعديلات للإستفتاء قبل تفعيلها هو بحد ذاته ممارسة ديموقراطية تحسب للمجلس الأعلى على عكس ما ينادي به البعض من إعلان دستوري عسكري عرفي دون إستفتاء، و الذي يمثل ممارسة ديكتاتورية عرفية.

خامساً: فزاعة الإخوان و الوطني و السلفية و الجماعات الإسلامية

تتلخص هذه الفزاعة بالتخويف من عقد أية إنتخابات برلمانية قريبة بحجة أن الإخوان و الحزب الوطني يمثلان القوى السياسية الوحيدة على الساحة التي تتمتع بالخبرة و الموارد و التنظيم لخوض أية إنتخابات، و بالتالي السيطرة على المجلس الجديد المنتخب و تكرار تجارب ما قبل الثورة.

أبسط ما يقال في هذا الطرح أنه بالغ في السطحية للأسباب التالية:

الحزب الوطني: لا شك أن الحزب الوطني يمثل رمزاً للواقع المصري الذي لفظته الثورة، و من المؤكد أن خوض أية إنتخابات تحت يافطة الحزب الوطني يمثل ضمانة أكيدة لسقوط ذلك المرشح.  من هنا يتخوف الرافضون للتعديلات من إلتفاف أعضاء من الحزب الوطني على الرفض الجماهيري من خلال تشكيل أحزاب جديدة و الفوز بالإنتخابات لما يتمتع به بقايا الوطني من نفوذ و خبرة و موارد مالية و تنظيمية.  هذا في الحقيقة يتطلب نوع من الوعي و المسؤولية في التناول و الطرح، و ما يعنينا هنا تقييم بقايا الحزب الوطني الذين هم مصريون قبل كل شيء.

سيطر على الحزب الوطني قلة متنفذة من رؤوس النظام أفسدت البلاد و العباد، و هذه القلة لا مكان لها سوى المحاكم و المعتقلات و ما يقرره القضاء المختص.  ثم هناك أغلبية إنضمت للحزب لضمان مصالح شخصية أولاً و هذه أيضاً فئة غير مؤهلة بعد لتصدر المشروع الوطني من خلال إنتخابات أو غيره، ثم هناك أعضاء الحزب الذين إنضموا للحزب كآلية تمكنهم من خدمة الوطن، و هؤلاء ليسوا و لم يكونوا أعداء للمشروع الوطني بل و نشهد لهذه الفئة القليلة في الحزب بخدمتها للمشروع الوطني بل و حاجة المشروع الوطني لها في هذه الفترة العصيبة.  الشاهد في كل ذلك أن المواطن المصري الذي عانى طويلاً من ويلات الظلم و الفساد يعرف جميعاً صديقه من عدوه، و لا ينتظر مغترباً في فيينا أو واشنطن أو بيروت ليختار له أو يحجر على إختياره.  أما عن الجامعة العربية و الحزب الوطني فلا يخفى علينا جميعاً الصلة التاريخية و الجوار الذي يجمعهما.

الجماعة السلفية: تمثل الجماعة السلفية جماعة هامة في تحصين الوطن وشبابه من الفساد و الفتن و تتمتع دون أي شك بحضور كبير بين الشباب على وجه خاص.  كان يأخذ البعض على الجماعة السلفية عزوفها عن العمل السياسي و تأخرها من إعلان موقفها من الثورة، إلا إن إنخراط الجماعة السلفية في المشروع الوطني و إسهامها في معالجة أزمة كنيسة الشهيدين في صول بأطفيح و مراجعة موقفها من العمل السياسي و ما يتردد عن نية الجماعة السلفية تشكيل حزب سياسي يمثل أحد النتائج المهمة للثورة في إنضاج العمل الإسلامي الذي ينبغي علينا جميعاً تشجيعه.  و في النهاية إنخراط المخلصين في المشروع الوطني لا يخيف سوى أعداء الوطن و من يتربصون به.

الجماعة الإسلامية: قامت الجماعة الإسلامية منذ سنوات بمراجعات فكرية و فقهية مهمة و معروفة كان مؤداها تصحيح مسار الجماعة و هذا بالطبع يحسب لها.  أنا أستطيع أن أفهم الرفض الشعبي للعنف و لكن ما لا أفهمه هو الإعتراض على قرار الجماعة بنبذ العنف و خوض معترك الحياة السياسية في ظل حياة ديموقراطية تعددية يحتكم فيها الجميع لصوت الشارع الذي له الحق أن ينتخب من يختاره و ليس من حق أحد أن يختار له، و إلا فما الفرق بين هؤلاء المعترضين و النظام السابق الذي طالما إدعى بأن الشعب غير جاهز للديموقراطية و لا يعرف من و كيف يختار.

الإخوان المسلمون: في الحقيقة أن الإخوان المسلمين هم الثابت الوحيد في الحياة السياسية المصرية على مدى قرابة القرن الأخير من تاريخ مصر.  بالطبع هناك أحزاب سبقت الإخوان و ما زالت موجودة على الساحة بنفس الإسم إلا أن تلونها بتلون النظام في الفترات المختلفة ينفي عنها صفة كل من الثبوتية و الثبات.

أما الإعتبارات فيما يتعلق بالإخوان فأهمها:

أولاً: أنها جماعة تتفانى في خدمة مصر و المشروع الوطني لمصر منذ نشأتها قبل حوالي خمسة و ثمانين عاماً حتى الآن، بل و إنها إنفردت بتقديم أكبر التضحيات منذ نشأتها في خدمة الوطن و دونما سعي وراء سلطة و لامنصب و لا جاه.  من هنا فإن رصيد الإخوان في الشارع المصري ليس مؤهلاً إلا للتزايد و الإنتشار في ظل حرية العمل التي تتيح لها معالجة مشاكل المصريين و على نطاق أوسع بعد رفع الحظر و التضييق عليها، و هو رصيد إستحقته بجدارة و عن تجربة راسخة.

ثانياُ: إن من أهم ما أفرزته الشرعية الثورية الجديدة هو وزن و صدارة الإخوان في المشروع الوطني، و إن من يقول بأن الإخوان لم يكونوا عصب الثورة و عمودها الفقري لا يمت للثورة بصلة و لم يسير في المظاهرات أو يعتصم في ميدان التحرير أو يخوض موقعة الجمل الفاصلة.

فإذا كنا نصر على الشرعية الثورية الجديدة فعلى أي أساس و بأي وجه حق نفصل هذه الشرعية بالمقاس الذي يناسبنا في الوقت الذي لم نخوض ميدان بناء هذه الشرعية من الأساس؟  بأي حق نستبعد اي مكون لهذه الشرعية أو نحجر عليه؟ بل و ما الفرق بين هذا الطرح و الطرح الذي أسقطته الثورة؟

التحفظات على التعديلات:

إن أهم ما تتصف به التعديلات أنها أولاً مؤقتة لحين إنتخابات مجلس الشعب و الرئاسة، بمعنى أن إستكمال ملامح النظام السياسي لا تتشكل وفقاً للتعديلات نفسها و إنما عن طريق السلطات المنتخبة بموجب التعديلات، هذا بالطبع عدا عن ما تنص عليه التعديلات من مدة الرئاسة و الحد الأقصى لمرات الترشح.

إلا أن أهم التحفظات على التعديلات هي تلك التي تتعلق بمحدوديتها، فكما نعلم أن المجلس الأعلى هو من قام بتحديد البنود المطلوب تعديلها من قبل لجنة تعديل الدستور.  إنعكس هذا القصور في التعديلات على عدم إزالة جزء من الموانع أمام الحريات السياسية الأساسية و لربما أهمها حرية تشكيل الأحزاب، و هو ما عالجه المجلس بالإعلان عن صدور مرسوم مرتقب عقب الإستفتاء ينص على حرية تشكيل الأحزاب بالإخطار.

و لتجاوز هذه النقطة فقد أبدى المجلس الأعلى كامل إستعداده لمعالجة أهم هذه الموانع من خلال مراسيم تكميلية لها نفس الصفة التشريعية و الدستورية و التنفيذية كالتعديلات.

ما المطلوب عمله الآن؟؟؟:

في لقاء مع قيادي في أهم التجمعات الرافضة للتعديلات مؤخراً تم الإتفاق على تقديم المعارضين للتعديلات قائمة بأهم التحفظات على التعديلات و أوجه القصور فيها فيما يتعلق بالموانع على الحريات، و هذا ما سيتم رفعه للمجلس الأعلى الذي أبدى إستعداده للنظر فيها، في حال تقديم المعارضين لهذه القائمة و هو ما لم يتم حتى الآن.  و من ثم يؤكد موقف المجلس الأعلى على أن الإصلاح الدستوري فيما يتعلق بالقوانين الإنتخابية لا يقتصر على التعديلات و إنما يشمل أيضاً المراسيم المكملة لها.

المشروع الوطني:

في ظل كل من الشعبية الكبيرة للإخوان المسلمين و التفوق التنظيمي للجماعة و إقتصار الحصة التي ينوي الإخوان الترشح عنها على الثلث، تعاني القوى السياسية الأخرى من مأزق عويص.  ففي ظل غياب دعم إخواني لمرشحي القوى الأخرى من المتوقع شغل باقي مقاعد المجلس من قبل القوى السياسية الجاهزة و التي يخشى الرافضون أن تكون من الحزب الوطني و بقاياه.  و لإخراج هذه القوى من المأزق الذي يعود بالدرجة الأولى إما لمحدودية أو لإنعدام رصيدها في الشارع و ذلك لغيابها الفعلي عن الساحة أو لعدم وجودها سابقاً من الأساس، طرح الإخوان المسلمون مشروع القائمة الوطنية حيث تتوافق القوى الوطنية على قائمة المرشحين الممثلين لهذه القوى على حصة الأغلبية، بالإضافة إلى مرشحي الإخوان في حدود ثلث المقاعد الذي قررته الجماعة.  بطبيعة الحال يحسب هذا الطرح للإخوان كموقف وطني و مسؤول لإنجاح المشروع الوطني لمصر الثورة برمته.  و بغض النظر عن تسرع ردود الأفعال لدى بعض الأحزاب و الشخصيات التي نفذ رصيدها بسقوط النظام، فإنني على قناعة بأن القوى الوطنية الجديد منها و التقليدي سيراجع موقفه و ينخرط في مشروع القائمة الوطنية كحل أمثل للمضي قدماً في بناء الدولة.

رفض التعديلات هو إنقلاب صريح على الشرعية الثورية:

يقتصر تمثيل الثورة على ثوار الميدان أنفسهم و ليس السياسيين أو سواهم من الإئتلافات التي تدعي تمثيل الثورة أو شباب الثورة.  و قد عبر الثوار عن شرعيتهم الثورية بما لا يقبل أدنى شك أو تأويل من خلال المؤتمرات و المهرجانات الصحفية و الهتافات و الشعارات في ميدان التحرير و باقي ميادين الثورة.  و حتى لا ندع مجالاً للخلط و اللبس فقد قامت الثورة بتعليق اليافطات العملاقة طوال أيام الإعتصام بنصوص صريحة و واضحة لمطالب الشرعية الثورية.  جاءت التعديلات الدستورية و حتى مراسيم المجلس الأعلى و قراراته إستجابة لمطالب الشرعية الثورية هذه، إلى حد كبير.

التعديلات الدستورية نصت وبما لايقبل الشك كما نرى في اليافطة المرفقة بهذا التحليل على :”برلمان منتخب يقوم بعمل التعديلات الدستورية لإجراء إنتخابات رئاسية”، و هو العكس تماماً للتسلسل من رئيس ثم دستور ثم مجلس الشعب كما يطالب الرافضين للتعديلات.

بالتالي فإن رفض التعديلات الدستورية هو إنقلاب واضح و صريح على الشرعية الثورية، و على الرغم من تحفظي على إستخدام مصطلحات رنانة فإن رفض التعديلات يمثل أهم ملامح الثورة المضادة للإنقلاب على الثورة و شرعيتها.

في النهاية لا بد من التأكيد أن الثورة هي بمثابة مدرسة كلنا فيها تلاميذ، بعضنا بالإنتظام و بعضنا بالإنتساب، و لكننا في النهاية كلنا تلاميذ في هذه المدرسة العظيمة و ليس بيننا مدير أو ناظر أو حتى مدرب منتخب.

هذه المدرسة تستوجب منا جميعاً الحرص و المثابرة في أداء الواجب الوطني حتى يمكننا يوماً ما أن نفتخر جميعاً بالإنتماء إلى هذه المدرسة العظيمة و التخرج منها بجدارة و إقتدار.  أداء الواجب يكون بالإلتفات إلى المشروع الوطني و خدمته و الإنخراط في بناء الوطن و حل مشاكله، و ليس إثارة الجدل و الفتن.

 

* عضو الهيئة القانونية الإسلامية العالمية
عضو اللجنة الإسلامية العالمية لحقوق الإنسان
إستشاري اللجنة الفيدرالية الأمريكية للحقوق المدنية
عضو مؤسس لأول تحالف أمريكي لإصلاح الإنتخابات – ميامي ديد كولشن، عضو مؤسس للتحالف الأمريكي لحماية قائمة الحقوق و الحريات – براورد

Comments

Comments are closed.