إنتصـــرت الثـــورة…و ماذا بعـــد
بقلم نضـال صـقر
الهدف من هذا البحث هو وضح الحلول الناجعة لمعالجة التحديات الحالية للخروج بمشروع الوطن و الثورة من أي أزمة و تهديد و ضمان تحقيق المشروع السياسي للثورة و مصلحة الوطن، و كذلك وضع حد لبوادر عدم الإستقرار التي تهددنا جميعاً.
بداية لا بد من وقفة إجلال و تقدير لشهداء الحرية في مصرالذين سطروا لنا جميعاً بتضحياتهم درساَ بأنه لا قيمة لحياة بلا حرية و عزة و كرامة. كما لا بد و أن أنحني إجلالاَ لأبطال الحرية الذين عانوا الكثير ليقدموا لنا جميعاً هذه الملحمة البطولية.
تعد ثورة الأحرار في مصر الحدث الأهم في تاريخ العالم على مدى قرون و هذا ما سيؤكده التاريخ بلا أدنى شك. هذا الحدث من الأهمية بمكان أنه جعل من كل من عاصره شاهداً على حقبة ستبقى و لا شك منعطفاً تاريخياً مفصلياً ليس فقط لشعب مصر بل لشعوب العالم أجمع، و هذا ما ستنبؤنا به الأيام و الأسابيع و السنين.
و على الرغم من عالمية الحدث و إنعكاساته، إلا أنني سأقتصر هنا على معالجة الوضع المصري و هو الأهم في هذه اللحظة المصيرية.
تمر الثورة الآن بمرحلة من أخطر مراحلها منذ إندلاعها تهدد مكتسباتها و مدى نجاحها في خدمة المشروع الوطني المصري و إعادة صياغة نظرية الثورة و التاريخ الإنساني في آن معاً.
و للتعامل مع هذه الفترة الحرجة و لضمان تحقيق الثورة للنجاحات المنشودة لا بد أولاً من مراجعة الحدث و إنعكاساته، ثم لا بد من إستقراء الواقع بدقة دونما إحتفالية أو تهويل، ثم أخيراً لا بد من توضيح الأدوار و المسؤليات الملقاة علينا جميعاً و على الأطراف ذات الصلة بالثورة و التعامل مع نتائجها.
على الرغم من أن الثورة فرضت نفسها كواقع جديد إلا أننا نلمس جميعاً التحديات الماثلة في كيفية التعامل مع هذا الواقع الجديد سواء من قبل السلطات الحاكمة ما بعد الثورة، و النخب السياسية التي ما زالت ترتبك في التعامل مع الحدث و ما تم تقديمه كممثلين لشباب الثورة دونما تفويض من هؤلاء الشباب، و شباب الثورة أنفسهم، ثم بعد ذلك المجتمع المصري.
الثورة و إنعكاساتها:
على الصعيد الإقليمي و الدولي تنبؤ الثورة بتغير قواعد اللعبة و إختلال الموازين السائدة إلى واقع جديد على صعيد شعوب المنطقة و على التوازنات السياسية و الإجتماعية و حتى العسكرية و الإقليمية و هو ما يعني الكثير من حيث تغير قواعد اللعبة فيما يتعلق بالنفوذ الأجنبي و مصالح القوى الدولية، و هذا ما سنبحثه مستقبلاَ في بحث آخر بإذن الله.
أما على الصعيد المصري فقد قامت الثورة على مطلب رئيسي “الشعب يريد إسقاط النظام” و هو و إن بدا عفوياً إلا أنه من وجهة علم السياسة يمثل مشروعاً سياسياً ناضجاً و متكاملاً.
إن عفوية الثورة و مرجعيتها إلى الشارع المصري و إقتصار مشروعها السياسي و شرعية تمثيلها على ما عبر عنه الثوار بطرق لا يساورها شك أو خلط أو لبس هو المعلم الرئيسي و الأهم في الثورة كحدث سياسي. بل و إن التعامل مع حقيقة مرجعية الشارع يمثل التحدي الأكبر أمام كل من صانعي القرار المصري و النخب السياسية و ما تم تقديمه للمجتمع المصري و لوسائل الإعلام المحلي و الدولي على أنهم ممثلين أو قياديين لشباب الثورة. لا بد هنا من تقرير حقيقة جوهرية بأن من لم يواجه بصدره قنابل الغاز و رصاص و هراوات الأمن و أسلحة البلطجية و قنابلهم الحارقة لا يمثل ثورة و لا ثواراً، و إن كان من مجاهدي الفيس بوك و قياديي الجماعات الشبابية و رموز الأحزاب و النخب السياسية.
أكرر هنا أن من لم يفترش أرض التحرير و يلتحف سماءه أو يرقد داخل جنازير المدرعات ليوقف زحفها لفض الجموع، لا يملك تفويضاً من جماهير و شباب الثورة الذين ضحوا بأنفسهم فداء لمشروع الوطن بالتحدث بإسمهم أو نيابة عنهم.
و بكل صراحة فإن الغالب الأعم من الأطراف المتداولة في شؤون الثورة و كيفية التعامل معها لم تكن يوماً جزءاَ من مشروع الثورة، بل و إن غالبية المتداولين يتعاملون مع الثورة كمجرد واقع طارئ أو إستثنائي لا بد من التعامل معه أو معالجته.
على الرغم من أهمية الحدث الإستراتيجية يمثل التأثير الأمريكي و لأول مرة عاملاً ثانوياً حيث لم تصطدم لحد الآن الإرادة السياسية الأمريكية مع قرار الشارع المصري، و ذلك لأسباب لا مجال لذكرها الآن و لكن يكفينا الإشارة بأن الإدارة الأمريكية ليست في عجلة من الحكم على الثورة، بل و على إستعداد لإعادة ترتيب بعض أوراقها الإستراتيجية في حال فرضت الثورة واقعاً جديداً مغايراً طالما كان هذا الواقع مستقراً و مستداماً.
لعله من أكبر التحديات التي أفرزتها الثورة هو ذلك التباين بين الشارع المصري و الصوت الذي يمثله. الثورة و إن عبرت عن الشارع المصري من خلال أدائها الحضاري السامي و أطروحاتها السياسية الراقية، إلا أن الحديث عن هذا الشارع ما زال حتى هذه اللحظة يقتصر على نخب و أحزاب و جماعات سياسية و ما جرى إفرازه إعلامياً كقيادات شبابية تفتقر جميعها أو معظمها إلى تمثيل حقيقي لمشروع الشارع المتمثل بالثورة. هذا يعني بالضرورة بإن أي إخفاق في تحقيق و إنجاح المشروع السياسي للثورة كما بلورته الثورة دونما لبس، سيؤدي حتماً إلى إستمرار بل و تصعيد الثورة بصورة تعطل أو تؤجل المشروع السياسي المستقر و الذي يمثل مصلحة مصرية و إقليمية و دولية مشتركة.
الواقع المصري:
المجلس الأعلى للقوات المسلحة:
أولاً: لا بد من الإشارة أن مرجعية الثورة و مشروعها السياسي المتمثلة بالشارع الشارع مثلت و ما زالت تحدياً كبيراً لصانع القرار المصري حيث أنه يرى أنه يتعذر عليه الحديث إلى الشارع مباشرة الذي يضم الملايين في مختلف أنحاء القطر و على مستويات ثقافية و سياسية متعددة و تتراوح المطالب السياسية و المظالم بين أفراده و جماعاته، و إن كان هذا الواقع يمثل تحدياً لم تنجح السلطة الحاكمة في التعامل معه إلى حد كبير حتى الآن، إلا أنني أجزم بأن التعامل مع هذا الواقع أسهل بكثير مما يظنه صانع القرار بل و إنه أقصر الطرق جميعها للوصول إلى حلول واقعية و عملية، و إن إحتاج الأمر بعض الحلول الإبداعية و الخلاقة البسيطة في نفس الوقت.
نظراً لإفتقار من تقدم للتحدث بإسم الشارع إلى مشروع سياسي يملأ الفراغ السياسي في الدولة و سلطاتها و نظراً للتباين الواضح بين ما تطرحه النخبة السياسية الجديدة، الممثلة بالأحزاب و الجماعات التقليدية و ما جرى التعامل معه كقيادات شبابية وممثلي شباب، و المطالب الواضحة للشارع أضطرت القوات المسلحة لفرض نفسها كسلطة إنتقالية لحين إعادة ترتيب شؤون الوطن و بناء مؤسساته.
هذا يطرح مشكلات رئيسية:
أولها: و بشهادتي شخصياً من قلب الحدث و مجريات أحداث الثورة و مشاهدتي شخصياً لحديث خاص بين رأس السلطة العسكرية و أحد قياداته الميدانيين أثناء زيارته الميدانية صباح الجمعة الثانية للثورة، بأن المؤسسة العسكرية لم تكن طرفاً محايداً في الثورة كما يحلو لنا جميعاً أن نعتقد. صحيح أن قرار الجيش المعلن كان بعدم الإصطدام بالجماهير إلا أن الشواهد عديدة بأن الجيش لعب و حتى اللحظة الأخيرة دور حامي النظام السابق إلى أن بدأ بالضغط على الرئيس السابق بالتنحي يوم الخميس العاشر من فبراير و حسم قراره بتنحية الرئيس يوم الجمعة الحادي عشر من فبراير.
ليس هنا مجال إستعراض الدلائل و الشواهد على موقف الجيش أثناء الثورة، و لن أخوض في التباين بين مواقف القيادات في مواقع مختلفة و القيادات الميدانية و الأفراد، إلا أن ما يعنيني بأنه يتحتم على قيادة الجيش الحاكمة لمصر الآن و دونما أي تأخير الإفراج عن جميع معتقليها من الثورة و الذين جرى إختطاف أعداد منهم بل و تعذيبهم في المتحف المصري و غيره أثناء الثورة، و قد كنت شخصياً على وشك أن أكون واحداً منهم لولا عناية الله عز و جل و بعض الخصوصية في صفتي السياسية.
و هنا لا بد من الإشارة بأنه و إن كان للمؤسسة العسكرية قوانينها و أحكامها فيما يتعلق بإنضباط كوادرها و أفرادها فإنني أضم صوتي لصوت الشارع للرأفة بضباطها و جنودها الأبطال الذين إنضموا إلى صفوف الثوار في الأيام الأخيرة، مع كامل إحترامي لقوانين و قواعد العسكرية، و ظاهرة محتجي الضمير ظاهرة معروفة و موجودة في أكثر الجيوش تقدماً في العالم، و أربأ بالمؤسسة العسكرية أن تعالج قضية هؤلاء الضباط الأحرار على غرار أكثر الإعتبارات رأفة و إنسانية.
ثانيها: أنه و إن كانت القوات المسلحة هي صمام الأمان للمجتمع المصري و الدولة المصرية فإنها لم ترتقي بعد لتكون صمام الأمان لصانع الثورة و صاحب الشرعية الجديدة. نعلم جميعاً أن المنظومة العسكرية هي من موروثات النظام السابق، و هذا ما يحتم عليها بأن تضمن تحقيق مطالب الشارع بإستكمال إسقاط النظام و هو و إن كان مطلب يحتاج لبعض الوقت لإستكماله لما يتطلبه من إعادة بناء الدولة و مؤسسساتها، فإنه لا مبرر على الإطلاق للإبقاء على رموز النظام السابق المتورطة بالتزوير و الفساد أو ضعف الأداء السياسي، و أعني بالأول وزير البترول الحالي و هو نفس الوزير السابق المثير للجدل و النائب في البرلمان المزور و الأكثر إثارة للجدل، أما عن ضعف الأداء السياسي فإنه لا مبرر على الإطلاق للإبقاء على وزير الخارجية و قد تلون جلده وتصريحاته على مدى الأيام و العصور بما سبب حرجاً مزمن لكل مصري، عدا عن حتمية إخفاقه في التمثيل الدبلوماسي للواقع المصري الجديد الأكثر تعقيداً.
يمكن للمؤسسة العسكرية الحاكمة إذ تعيد إكتشاف التمثيل السياسي للمجتمع المصري و المشروع السياسي للشارع بالتركيز على تحقيق فوري لأهم مطالب الشارعالمتبقية و على رأسها:
إلغاء قانون الطوارئ و الذي لم يعد مبرراً بعد أن إحتفظ المجلس الأعلى للقوات المسلحة لنفسه بسلطة إصدار المراسيم المؤقتة.
و الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين المحكومين بموجب قانون الطوارئ أو أي من القوانين الإستثنائية.
كما يتعين على السلطة الحاكمة منع إعادة تشكيل أي جهاز أمن سياسي و ترك مصير هذه الأجهزة للحكومة و البرلمان الديموقراطي المرتقب في الأشهر المقبلة. أما بالنسبة للجهاز الإستخباراتي فإن مبرر تصعيد قيادته في الشأن العام كان متطلباً لمحاولة إنقاذ النظام السابق و إستجابة لمصالح دول إقليمية و دولية لا تتفق و المصلحة المصرية و خصوصاً لما يعرف عن تورط جهاز الإستخبارات في منهجية التعذيب و إنتهاك حقوق الإنسان.
كما و إن السلطة العسكرية الحاكمة مطالبة بمزيد من الصبر و الحكمة للتعامل مع إستمرار و تصاعد بعض الإحتجاجات سواء من بعض الثوار أو المجموعات المتظلمة من الموظفين و الضباط.
و من خلال إلتصاقي بالواقع المصري على مختلف مستوياته فإنني على يقين بإمكانية تجاوزنا جميعاً للأزمة الراهنة و تحقيق المشروع السياسي للثورة و بناء مصر الجديدة كنموذج عصري متطور في مقدمة شعوب العالم أجمع بعد أن إرتقت ثورته كنموذج إنساني حضاري و تاريخي، بشرط أن يفي جميع الأطراف المعنية بإلتزاماته الوطنية و التي أذكر أبرزها في هذا البحث.
شباب الثورة:
صرح ناشط الإنترنت وائل غنيم عقب الإفراج عنه بأنه لا يحمل مشروعاً أو طموحاً سياسياً و أنه لا يمثل الثورة إذ حرمه الإعتقال من المشاركة في أحداثها، و أن من يمثلها هو ذاك الشاب المصري البطل الذي قدم روحه فداء للوطن في ساحات و ميادين الثورة. طلب وائل عدم التركيز عليه إعلامياً و هو تماماً عكس ما حدث إذ سارعت وسائل الإعلام المحلية و بعض الإعلام الأجنبي بتصويره كرمز للثورة و متحدثاً بإسمها.
في الحقيقة أن فرض دور التمثيل و التحدث على وائل سواء من قبل الإعلام بل و حتى إختياره للتباحث معه كممثل للثورة من قبل السلطة العسكرية الحاكمة يمثل ظلما كبيراً لوائل و شخصه، و إستخفافاً بالثورة و شبابها و مشروعها. و إذ كنت أثمن الدور الوطني و البطولي لوائل فإن قائمة الأبطال التي أعلم بإسهاماتهم التي لا تقل بطولية طويلة، عدا عن قائمة كل الشباب الأكثر بطولة و التي لا يمكنني حصرها.
من حق وائل أن يتحدث عن مطالبه و همومه و أن يدافع عن حق شعبه كشاب مخلص وطني، لكنه ليس من حق الإعلام أو العسكر أو النخب السياسية فرض وائل و أصدقائه على الثورة و شبابها كمتحدثين بإسمها، و قد شاهدنا جميعاً مطالبات وائل و بعض هؤلاء بفض الإعتصام قبل تحقق المطلب الرئيسي بسقوط النظام و هو ما لو تحقق لأجهض الثورة من أساسها و لعصف بالدولة المصرية و أرداها إلى غياهب المجهول. هذا الموقف بحد ذاته يحتم على وسائل الإعلام و السلطة العسكرية و النخب السياسية في آن معاً التعامل مع الشارع و مشروعه السياسي بمنتهى المسؤولية و المصداقية و الوطنية بعيداً عن التهويل و الإحتفاليات.
النخب السياسية:
في ظل التصحر و التشويه في المناخ السياسي للنظام السابق، إفتقرت الأحزاب و الجماعات السياسية للمراس و الحنكة السياسية و لإستيعاب كافي لمختلف أبعاد المشروع السياسي الوطني. كما و توجد أحزاب سياسية اليوم لم يكن لها أن توجد سوى في ظل النظام الديكتاتوري السابق كأحزاب ديكور لإضفاء إحتفالية على المشهد السياسي القاتم. و لو تجولت في ميدان ملحمة عبد المنعم رياض لوجدت، بقدرة قادر، يافطات تمجد الثورة و أبطالها بإسم بعض هذه الأحزاب التي ضلع بعض قيادييها في بلطجة النظام السابق ضد الشعب و الثورة عدا عن ضلوعها في شبهات الفساد و الإفساد.
نعلم جميعاً مصير الغثاء السياسي و لذا سنقتصر في حديثنا هنا عن الأحزاب الفاعلة و العريقة و جماعة الإخوان المسلمين و بعض الناشطين المستقلين.
لم يخفي بعض قياديي الأحزاب طموحاتهم السياسية في الدولة المصرية الجديدة و هذا حقهم الطبيعي و المشروع حيث ستقرر صناديق الإنتخاب الحر و النزيه الموقع الرسمي لأي منهم في النظام المقبل. شكلت جماعة الإخوان المسلمين و ما زالت هاجساً لدى الكثيرين في الداخل و الخارج نظراً لمدى تنظيمها و شعبيتها و مدى سيطرتها و نفوذها في الدولة المصرية الجديدة.
و هنا أجد نفسي مسؤولاً من موقع تعاملاتي مع مختلف الأطراف المعنية و إطلاعي على مواقفها و تلمسي لمخاوف و تحفظات الجميع، و أؤكد هنا ما يلي:
أولاً أن القدر الأكبر من التخويف من الجماعة و طموحاتها يعود بالدرجة الأولى إلى التشويه المجحف بحقها من قبل النظام السابق وغيره من الأنظمة لما ترى هذه الأنظمة في جماعة الإخوان من تهديد لتفردها بالسلطة و سوء إستغلالها للسلطة.
ثانياً أن جماعة الإخوان كغيرها من القوى السياسية حرمت من المراس و الخبرة السياسية مما أفقدها الكثير من الجاهزية من التعامل مع الواقع السياسي الجديد. و إن الإخوان المسلمين لم يكونوا يوماً طرفاً في التخطيط و الإعداد للثورة على الرغم من المشاركة الفاعلة لأعداد كبيرة من شبابها بدافع وطنيتهم ومصريتهم و ليس بدافع “إخوانيتهم” و هو ما يشهد به كل من شارك في فعاليات الثورة.
ثالثاُ أن منظور الإخوان لدورهم في المشروع السياسي المصري يشبه في حكمه فرض الكفاية حيث تدعم حركة الإخوان المسلمين من يصلح لخدمة الوطن في المواقع المختلفة بغض النظر عن طائفته أو إنتمائه السياسي. بل و أجزم بحرص الإخوان على تصعيد ودعم القيادات الوطنية الكفؤة و المخلصة و حتى على حساب مرشحي الإخوان في بعض الحالات.
رابعاً أن مشروع الإخوان هو جزء رئيسي و هام من المشروع الوطني و أن مشروع الإخوان هو صمام أمان ليس فقط للمشروع المصري بل و للإستقرار الإقليمي و الدولي في آن واحد. كما و أؤكد أن المشروع السياسي للإخوان هو بحد ذاته مصلحة للوطن و لمختلف القوى السياسية و السلطة الحاكمة قبل أن يكون مصلحة للجماعة و أفرادها.
من خلال تعاملاتي و محادثاتي داخل أروقة صانع القرار الأمريكي أؤكد بأن ما سبق يعد الآن قناعة لدى العديد في دوائر صنع القرار و إن كانت محصلة القرار السياسي الأمريكي تتوقف على تصارع أجنحة عدة تتفق و تختلف أو ترفض الإعتراف بهذه الحقائق. و لكن تبقى مسؤولية الشارع المصري أن يرتقي بالمشروع الوطني فوق أي إنتماءات سواء حزبية أو غيرها.
أما عن الناشطين و المستقلين فإن أطروحات كل من د. عبد المنعم أبو الفتوح و نجيب ساويرس تلقى إهتماماً لدى المتابعين بما تمثله من تفاعلات و مراجعات. و هنا لا بد أن أذكر السيد ساويرس بمقولة عامةترددت في أوساط شباب الثورة عندما ذكر إسمه: “أطب مطعمك، تكن مستجاب الدعوة.”
حلم الثورة واقعاً:
الثورة مشروع طويل الأمد متعدد المراحل يحتاج إلى الكثير من الصبر و التطوير و الإبداع لنجاحه. كما و يحتاج إلى ثقة متبادلة بين جميع أطراف المشروع الوطني للعمل جميعاً لإعادة بناء الروح المصرية العريقة و المتجددة، و بناء المصري الجديد الذي سيقود الإنسانية إلى حضارة لم تعرف الإنسانية مثيلاً لها، و إلى مصر حاضنة الحضارة و الإنسانية و الحرية و مصدر إلهامها. ما تقدم و إن بداً مبالغاً فيه إلا أنه ما لمسته في الثورة و شبابها و لمسه الملايين كواقع بدأ تحقيقه.
بناء الثقة يحتاج من السلطة الحاكمة إستكمال الوفاء بتعهدها تحقيق مطالب الثورة، و على رأس ما تبقى منها إلغاء قانون الطوارئ و الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، و إستبعاد ما تبقى من الفاسدين و غير الأكفاء.
من هنا تكون الإحتفالية بشهداء الثورة المقرر لها يوم الجمعة الثامن عشر من فبراير أيضاً تكريماً للقوات المسلحة لدورها الوطني في حماية المشروع الوطني و الثورة، و إنطلاقة للمشروع المصري لبناء مصر الجديدة على أساس من المشاركة و المسؤولية الوطنية و بناء الدولة المصرية الجديدة على أسس ترتقي إلى تضحيات شهداء الثورة و أحلام شبابها و طموحات كل مصري و محب لمصر.
أما عن الإضرابات و الإحتجاجات و المظالم للجماعات المختلفة، فأنا أقول أن الظلم و الفساد و الفشل على مدى ثلاثين عام أو أكثر لا يمكن معالجته جذرياً في أيام أو شهور. مصر الآن ما زالت في مرحلة مراجعة ملفاتها و إعادة ترتيب وضعها الداخلي بما يتحتم على الجميع إستمرار الدولة و أجهزتها في أداء أدوراها و خدماتها، و ضمان عدم تراجع أو توقف عجلة الإقتصاد فيها.
ثم إن سنين طويلة من العبث بمقدرات البلد و ثرواته تحتاج الكثير من الجهود لمحاولة إنقاذ و حصر إمكانات و موارد الدولة.
إلا أنه من الأهمية بمكان عند بناء الدولة الجديدة و مؤسساتها أن تتوفر فيها آلية واضحة شفافة و نزيهة لإستقبال التظلمات و الإطلاع على المظالم، و الأهم من ذلك الإستجابة الفعلية و الحقيقية لرفع و معالجة هذه المظالم على ضوء الإمكانات المتاحة.
و أنا أجزم بعد أن بدأ عهد تعود فيه مصر إلى فلذات أكبادها بعد طول حرمان، بأن مصر لن تبخل على على شهدائها بأي تكريم، و على أبنائها بأي حنان، و على الإنسانية جمعاء بأي عطاء.
و يبقى هنا السؤال الأهم من ذلك جميعاً ماذا سيقدم الأبناء و البنات لهذه الأم العظيمة المجيدة لتعويضها بعد طول حرمان؟
Comments
One Comment on إنتصـــرت الثـــورة…و ماذا بعـــد
-
محمد ابرهيم سليمان on
Wed, 16th Feb 2011 4:52 pm
الى كل شباب مصر العظيم هى نتكاتف من اجل مصر هى الى العمل من اجل تحقيق الذات هى الى الوفاء الى مصر هى نزرع سوى حتى نحصد ثمار الخير لمصر هى نعمر هى نقف ضد الفساد والتخريب