التطرف و كيف نعالجه
للعقلاء فقط
أعشق العربية و أمقت العروبية. فالعربية وعاء القرآن و الحضارة، أما العروبية فهي تخلف داحس و الغبراء و البسوس. و ما ممالك الأعراب اليوم و جمهورياتهم و جماهيرياتهم و إماراتهم إلا إيغال في العروبية، و ليس لها من العربية إلا أسماء سماها حكامها، ما أنزل الله بها من سلطان.
و مما أعشق في العربية هو تفصيلها في المعاني بين المصطلح و اللغة. فالتطرف لغة هو المغالاة فيما إعتاده و تعارف عليه الناس. أما إصطلاحاً فالتطرف هو الإيغال في فهم و تفسير ما قبِله الناس، و حمله إلى ما لا يقبله الناس.
فإذا إعتاد الناس بسيط المطعم و الملبس، كان الإسراف و التبذير في المطعم و الملبس تطرفاً. أما إذا إعتاد الناس البذخ و الإسراف، فيصبح الزهد و الرضى بالقليل تطرفاً. كذلك فلو قبل الناس مبدأ العدالة في توزيع الثروة، و فهم الحاكم أن العدالة تتحقق بمجرد الإستيلاء على أموال الغني و إعطائها للفقير بحجة تحقيق المساواة في توزيع الثروة، أصبح العدل جوراً و المغالاة فيه ظلم قد يكون أفدح من أصله.
من هنا فإن أي معالجة لقضية التطرف ينبغي لها أن تتسم بالعمق و الشمولية و الواقعية حتى لا يكون الخوض فيه إمعاناً في الضلال و التضليل. و من الملاحظ بأن عموم من يتحدث في التطرف لا يمتون إلى الإعتدال بصلة، فأصبح الحديث في التطرف مبعثه تطرفاً، و غايته إيغالٌ في التطرف. Read more