ظاهرة شباب الثورة، و معركة البحث عن الهوية

January 12, 2012 by
Filed under: مقـــالات عربيـــة 

بقلم

نضــال صــقر

تعتبر الثورة المصرية بحق الحدث التاريخي و الإنساني الأهم في حياة كل من عاصرها.  و سيكتب التاريخ، لا محالة، أنها الحدث الأهم على مدى القرون السابقة و اللاحقة، و من الأحداث الفاصلة على مدى التاريخ أجمع.

الثورة بدلالاتها الإنسانية و الحضارية و حتى تفاصيل أحداثها، هي هبة و منحة ربانية لا يمكن تفسيرها بالمنظور المادي البحت، و من خلال تجربتي الشخصية فأنا أجزم بأن تطوراتها و نجاحاتها لم ترتهن في وقت من الأوقات لإرادة البشر، و إنما لسعيهم و تضحيتهم و تفانيهم.

الأخطر من هذا كله أن هذه الثورة ولدت بمشروع كان إندلاعها مجرد إيذاناً بمولده.  مشروع الثورة هذا بالتحديد ليست هبة و لا منحة و لا حتى إختيار.  مشروع الثورة هو وديعة و أمانة و تكليف و دين، و إن ثورة ربانية كالتي شهدنا لا يمكن أن تكون و لن تكون مجرد مطلب أو مجموعة من المطالب أو أهداف.

لطالما تجنبت الخوض في موضوع هذا المقال لما يمثله من بعد شخصي هو عصارة سنين من تجربتي مع الإنسان بكل أتراحها و معاناتها و آلامها، و لكنني و نحن على مشارف ذكرى سنوية أولى للحدث الجلل يحدوني رجاء بأن نستقيل جميعاً من عثرتنا، نتعلم من و نودع ما إستدبر.  و نستقبل بوعي جديد و يقين ما هو مقبل، لنسير و من بعدنا جميعاً و يداً بيد في طريق المشروع الذي نحمل أمانته و تكليفه، و علينا دين أداء حق هبته و منحته.

مصر في الميزان:
في كل مرة أتحدث عن مصر أجدني مضطر لشرح واحد من تعريفاتها، و كأن مصر بتعريفاتها التي نكتشفها سوياً تجمع لنا شتات الهوية حتى إذا ما إكتمل التعريف وضحت و إكتملت أمام أعيننا الصورة و الهوية.  مصر هي تاريخ و حضارة و رسالة و إنسان و سنين أدبرت و أخرى تبقت من عمر هذا الإنسان.  و معادلة مشروع الثورة هي المشروع الحضاري الإنساني الذي يسعى كل منا، على قدر تصوره، أن يسهم في هذا البناء الخالد الذي ما إن إنتهت رحلتنا تركناه لمن خلفنا، و بقي ما أسهمنا في هذا المشروع من قليل أو كثير هو كل ما يبقى لنا بعد ذهابنا.

تاريخ مصر ضارب في التاريخ الإنساني كما نعلم جميعاً، لتكون مصر شاهدة على رحلة الإنسان بين العلم و الإستكشاف و صنع الحضارة و بين الإنحسار و التراجع و التبعية من ناحية، و بين القهر و الإستبداد و البؤس و بين العدل و الرحمة من ناحية أخرى، و بين الظلم و الشرك و الجبروت و بين النبوة و التوحيد و الرسالة من ناحية ثالثة.

و جاء في النص القرآني تخليد للتجربة المصرية في تفاعلاتها مع هذا كله، و كأن وصف مصر في القرآن هو سرد للحقيقة الإنسانية في تأرجحها بين الخير و الشر.

الإنسان:
من خلال معايشتي للتجربة الإنسانية لشعوب عدة، يتميز الإنسان المصري التقليدي بما لا تجده في أي إنسان آخر إذ تجتمع فيه الفطرة و البساطة مع تراكمات السنين من تجارب.  و يشكل الموروث الحضاري التراكمي للإنسان في مصر عاملاً وراثياً يستعصي بحثه و تفسيره في علم بمفرده كعلم الجينات أو التاريخ أو التراث.  و في الحقيقة لمست هذا البعد في الشخصية المصرية منذ زمن و قبل الثورة بسنين و أنا أبحث في البيئة الخصبة التي يمكن أن تنمو فيها بذور الحضارة من جديد، و في الإنسان الذي تتوفر فيه المقومات و القدرات و التركيبة النفسية الروحية المجتمعية الإنسانية.  و لم أجدها تجتمع جميعاً في إنسان كالإنسان المصري.

الثورة المصرية:
في الميزان الحضاري لا تمثل الأحداث التي عشناها قبل عام سوى حدث عارض لتصحيح المسار.  عانت مصر لقرون من تراجع و إنحسار في دورها الريادي الحضاري، إنعكس على تراجع في أدائها الحضاري، نتيجته كان تردي مكانة مصر و حياة المصريين و ضياع الحضارة الإنسانية برمتها بين المادة و الروح، و العلم و الخرافات، و إنعدام الأمن و القتل و التدمير و التشريد.

كان لا بد و الحالة هذه من مفترق طرق بين الوجود واللا وجود من حدث يزلزل التاريخ، و يهدم تراكمات الظلم و الفساد، و يصحح المسار الإنساني لينهض بحال مصر و تبعية الحضارة لمصر لإعادة الحياة الإنسانية إلى عالم رشيد.

الثقافة و الوعي الحضاري:
إن أخطر جرائم الإستبداد في مصر هو أثر الظلم على الهوية.  الظلم و الإستبداد يقتل الروح في الجسد ليسحق كرامة الإنسان فلا يشعر بآدميته.  و إذا فقد الإنسان إحساسه بآدميته أصبح مفهومه للحياة كله ينحصر بين الحاجة و قضاء الحاجة، و إحتجب عن مداركه ما عدا ذلك من واجبات و مسؤوليات.

على مدى عقود ذهب الظلم بالوعي و الإحساس و دمر الثقافة و أحالها من طاقة للتميز و الإبداع إلى سقف للتردي و الإسفاف.  و أصبح المجتمع و الحالة هذه مجموعة من الأفكار و التناقضات و الطفرات و العثرات، تماماً كحال قاهرة المعز كمجموعة متناثرة من الأحياء و العشوائيات بتصنيفات كل منها.

و من هنا فإن سقوط الطاغية يفتح الباب واسعاً أمام مصر لإعادة إكتشاف الذات و الهوية، و إسترجاع التجربة التاريخية و الحضارية، و التعلم من تجربة الظلم و الإستبداد، لتقدم نموذجاً حضارياً عصرياً و مستقبلياً يعوض تراجع الريادة و إنحسار الدور الحضاري، و يطرح النموذج و الجواب للتجربة الإنسانية الحائرة المتعثرة التي يعيشها إنسان اليوم فوق أي أرض و تحت أي سماء.

شباب الثورة بين الظاهرة و الحقيقة:
ثورة يناير هي ثورة مصرية بإمتياز أسهم فيها الغني و الفقير، الكبير و الصغير، الرجل و المرأة، العالم و الأمي، المسلم و المسيحي، و حتى المدني و غير المدني.

و إذا كان الحال كذلك فمن أين أتت ظاهرة شباب الثورة؟
في الحقيقة أن شباب الثورة نفسها لم يكن سوى في روحها و ليس بالضرورة الفئة العمرية لمن شارك فيها.  و لو إستعرضنا الأحداث الفاصلة في الثورة التي أسقطت النظام لوجدناها تتلخص في أحداث السويس التي بدأت في الخامس و العشرين من يناير، و جمعة الغضب، و موقعة الجمل.  أما الإعتصام فكان أسبوعه الأول ملحمة تخللته الأحداث الجسام التي ذكرنا تحت بنادق و أعين القناصة في ميادين الإعتصام، و سياحة ثورية في أسبوع الإعتصام الثاني إختلط فيه المعتصم بالزائر و المشاهد بالثائر و صاحب المشروع و الرسالة بالهائم الحائر.

و بعد نجاح الثورة في تنحية الرئيس المخلوع و إعلان بداية سقوط النظام، أصبحت الثورة هوية للملايين من الباحثين عن الهوية، و أصبحت بحد ذاتها هي الغاية و معنى الوجود.  و بعد عقود طويلة من المعاناة بسبب فقدان الإنتماء و الهوية أصبحت الهوية الجديدة التي تمثلها الثورة معنى وجود الكثيرين من الشباب بل و غير الشباب، و أصبح التشكيك في “الثورية” أعظم جرماً من التشكيك في الإيمان و العقيدة.

هذا و بكل إختصار ما نشهده اليوم من مفهوم الثورة لدى الكثيرين و ما نسمعه صباحاً مساءً عن شباب الثورة، و كل ما يستتبع الحدث و المفهوم و الثورة و الشباب من توهان.

مشروع الثورة:
يختلط لدى الكثيرين نتائج الثورة من ناحية و مشروع الثورة من ناحية أخرى.  أما نتائج الثورة فهو ما يسميه البعض أهداف الثورة.  قامت الثورة ضد الظلم و الطغيان الذي يتمثل في العديد العديد من الجرائم و الإنتهاكات.  و بالتالي فمن الطبيعي جداً أن تستهدف الثورة القضاء على بنيان الظلم و ممارساته، و أن تستعيد الحرية و الكرامة و العدالة الإجتماعية، و هذا ما لا جدال فيه.

إلا أن جميع هذه المطالب لا تمثل سوى نتائج و ليس مشروع.  و تحقق هذه المطالب جميعها لا يعني باي حال من الأحوال نجاح الثورة أو مشروعها، إذ أن تحقق النتائج لا يمثل بأي حال من الأحوال ضمانة لعدم عودة الواقع الذي قامت الثورة لهدمه.  إزالة الظلم و بنيانه و ممارساته لا تعني البتة القضاء على جذوره و أساساته و البيئة التي تسمح بإعادة تعششه.

و هذا بالتحديد ما لا يمكن تحققه إلا بمشروع الثورة الذي هو معنى وجودها و السبب الأساس لقيامها، و هو ما أكرره دائماً بالمشروع الحضاري الإنساني الذي تمثل الثورة إيذاناً و إعلاناً بوضع حجر الأساس له و المباشرة ببنائه و إنشائه.

الذكرى السنوية الأولى للثورة:
أنا شخصياً لست معنياً بمجلس عسكري أو اي سلطة حاكمة أو تسيير أعمال، فالنتيجة الأولى للثورة التي تحققت دون أدنى شك هو تحرر الإرادة.  إرادة الشعب هي طاقة روحية مجتمعية ما إن تحررت يستعصي أمامها أي رادع أو سلطة، إذ لم يعد للخوف مكان في الهوية.  و من هنا فأنا معني بإستكمال نتائج الثورة حتى ننطلق جميعاً في البناء و لا أقول بناء مصر كدولة، و لكن بناء مصر كمقدمة  و نموذج للحضارة الإنسانية في كل مكان، و ما يتبعنا من بقايا الزمان.

الديموقراطية المصرية:
على ضوء مشاهداتي للواقع المصري بعد الثورة و تطوراته، أرى أن القوى الحية المصرية كلها ما زالت تتصارع على نتائج الثورة.  يسود هذا الصراع تيارين: أولهما تيار يحمل الثورة كهوية و يغلب عليه شباب سموا أنفسهم “شباب الثورة،” و تيار يرى في الثورة الضوء الأخضر للبناء و إعادة البناء.

أما شباب الثورة فيغلب عليهم النظر إلى المخاطر و المحاذير من فشل الثورة و فقدان الهوية من جديد.  في حين يرى “تيار البناء” أن نجاح الثورة يستدعي الشروع بالبناء قبل أن تتداعى الثورة و تسقط شرعيتها و تأييدها لدى الشعب.

من هنا فإن حالة الإنقسام و الإستقطاب الراهنة في الذكرى السنوية للأولى هي بين طاقة سلبية من الخوف و التمرد و الصدام، و بين طاقة من الأمل و الثقة و الإنفتاح.  و لست هنا بالضرورة أرجح حالة على حالة فأنت إما مدفوع بالثأر و الغضب و إما بالأمل و الإصرار لا ثالث لهما.

الثورة و التمويل الأجنبي:
في الحقيقة و كشاهد على المولد الجديد لفكرة التمويل في العقل الأمريكي فإنني أرى أنه لا بد أن نحاول جميعاً فهم التمويل و تاريخه و أهدافه و آلياته.

ظاهرة شراء النخب ظاهرة قديمة معروفة في مصر و غير مصر في حالات السلم و الحرب و في البلاد المحتلة أو المستعمرة و غير المحتلة.  إلا أن الأهمية الإستراتيجية لمصر و طبيعة العداء الإستراتيجي و الحضاري لمصر لدى أعدائها يجعل من التمويل مسألة في غاية الخطورة.

و لو تحدثنا عن التمويل الأمريكي تحديداً فإن قاعدة أمريكية رئيسية في الهوية و التفكير الأمريكي تنص على: “ليس هناك غداء مجاني”.  و بالتالي إذا قبلت دعوة أمريكية على الغداء فلا بد أن تعرف يقيناً أن هذا الغداء وراءه ما يبرر تكلفته من المال و الوقت الذي سينفقه عليك من يرفضك أصلاً و يرفض وجودك، على الأقل بالمفهوم الحضاري.  و إذ يسترسل بك الحديث و الثرثرة فوق الغداء فإعلم بأن ثرثرتك هي فعلاً ثمن هذا الغداء، و إذ لا تعير أنت ثرثرتك أية أهمية فإن من يستمع لك يعرف جيداً كيف يقرأها و يصل إلى كل ما يريد من إستنتاجات عنك و عن محيطك و مجتمعك و من تكون و ما تمثل و نقاط ضعفك و قوتك و كيفية التأثير عليك و كيف يمكن توظيفك و غيره و هي مسائل تبدو لنا معقدة، و لكنها في الحقيقة ليست بذاك التعقيد.  من هنا فعندما تكون الدعوة على أكثر من مجرد غداء و يستتبعها مسؤليات و مهمات تسمى بشروط أو مؤهلات أو مجالات تلقي التمويل وضح لنا مدى خطورة التمويل و أهدافه و نتائجه و ما يمثله تلقي التمويل من خطر على مشروع الوطن و أهله و وجوده.

الطريق إلى المشروع الحضاري:
يزخر الشارع المصري بالكثير من القوى الحية الفاعلة المتعددة الرؤى و الإتجاهات.  و بعد إنقضاء مرحلة إنتخابات مجلس الشعب كأساس السلطة التشريعية بنجاح ديموقراطي مبهر، فمن الواضح أن الطاقة المجتمعية لمصر تسير الآن في مسارين أحدهما العمل الديموقراطي و السياسي، و الآخر العمل الثوري.  و خلصنا إلى أن العمل الثوري، و إن كان يمكن أن يؤدي إلى إستكمال إسقاط بنيان النظام، إلا أنه يختلف بالكلية و ليس مؤهلاً في ذاته لإعادة البنيان.  في الوقت نفسه فإن العمل الديموقراطي و السياسي لا بد له أولاً من إستكمال إسقاط النظام و نسف قواعده و إستئصال جذوره و القضاء على ممارساته، و هي متطلبات تتفاوت في الوسائل و الآليات و المتطلبات الزمانية و الخبرات و الكفاءات و غيرها.

الحل للمشكلة الراهنة يكمن في إدماج القوتين: القوة الثورية في التصدي و إستكمال إسقاط النظام، و القوى الديموقراطية و السياسية في إستكمال إسقاط النظام و إعادة البناء.

من خلال مناقشاتي مع القوى و التيارات المختلفة من الجانبين أرى أنه لا مفر من إعادة تأهيل القوى الثورية و الشبابية للمشاركة في البناء على مختلف مستويات التأهيل.  و إذ نحن على مشارف إستكمال ما تبقى من الإستحقاقات الإنتخابية من شورى و رئاسة و وضع الدستور، لإستكمال تحول كامل لسلطة مدنية منتخبة لا بد لنا من بدء التفكير في إنتخابات المجالس البلدية و المحليات.  تمثل المحليات فرصة طبيعية لتفعيل و تدريب و صقل العنصر الشبابي و إعداده لمسؤولياته المستقبلية في إدارة و حكم البلاد.  كما و تمثل المجالس البلدية و المحليات حلاً هاماً و مؤثراً لجزء كبير من مشكلة البطالة التراكمية و إنسداد الأفق لدى الكثير من الشباب.

برامج التأهيل:
الوطن في مفهوم إعادة البناء هو فرصة عمل لها مهام و مسؤليات بحاجة إلى قدرات و مؤهلات و كفاءات.  إلا أنه على عكس الوظيفة فإن المؤهلات هنا تشتمل أيضاً على الفهم و الإنتماء و الإحساس بالمسؤولية الوطنية و الهوية.  من هنا فإن برامج التأهيل لا بد و أن تشتمل على الجانب الفكري و مكونات الهوية بالإضافة إلى المشاركة المجتمعية و القدرات و المهارات الخدمية و القيادية.

و أغلب ظني قرب الشروع بإعلان و طرح العديد من البرامج من قبل القوى الحية لبدء إنخراط الشباب في عملية متوازية من إستكمال إستئصال النظام و الإعداد لإعادة البناء.

القوى السياسية بين المسؤولية و الفعل:
كما ذكرت لمصر أهمية إستراتيجية حضارية لا يمكن مقارنتها باي دولة أخرى.  كذلك الحال عند تقييم أداء القوى المصرية الحية.  و خلاصة القول أن القوى السياسية المصرية كغيرها من المجتمع ما زالت تعاني من درجة كبيرة من التخبط و العشوائية و الإرتباك و التراخي، و يذكرني حال هذه القوى السياسية أيضاً بمقولة لا زلت أرددها: “كلما نظرت إلى حال مصر و أهلها، أيقنت أن الثورة صنعها الله وحده و لم يصنعها بشر”

معالجة مشكلة القوى السياسية تكمن في إعادة تعرف هذه القوى جيداً على الهوية المصرية و خصوصيتها، يتبعها منهجية في إستقراء الواقع و الأحداث و في التصور، ثم إستراتيجية في إستنباط الحلول و صياغة الرؤى، ثم إحترافية و شفافية و معيارية في الأداء، و قبل كل ذلك و بعده إخلاص النية و صدق التوكل على الله.

العسكر:
في الحقيقة تصنيفات المجلس العسكري و الجيش و الأحزاب و شباب الثورة كلها تصنيفات سياسية لتجمع إنساني واحد و ظاهرة إجتماعية واحدة نسميها الشعب.

و نظراً للتجربة التحررية الفتية في مصر فإنه يعول على الجيش بإنضباطه، و طبيعة مهامه في حراسة الوطن، و كفاءته في التدريب و غيره الكثير من المسؤوليات التي تساهم في معالجة الكثير من المشاكل المتراكمة، و إعادة بناء الوطن.

أذكر منها، على سبيل المثال، الدور المؤمل للجيش في إعداد أجيال قتالية لحماية الوطن في مواجهة أعداء الخارج من خلال إستيعاب كافة الشباب في سن التجنيد، و تدريبهم تدريباً عسكرياً نوعياً طوال فترة التجنيد، يجري صقله بعد التسريح بشكل دوري لفترة ينخرط فيها المسرحين في جيش إحتياطي لسن يتم تحديدها بقانون.  كما يمكن للجيش و بشراكة مع القطاع الخاص، و بناء على دراسات بحثية ميداينة إستراتيجية، تطوير برامج إعادة تأهيل لتزويد المجندين بالمهارات و الخبرات المطلوبة في سوق العمل في كل من القطاعات السائدة و المستحدثة، يجري بعدها توظيف المتدربين في الأعمال المتدربين لها بعد تسريحهم من الخدمة العسكرية.

نظراً للحالة المتردية للبنية التحتية و الفترة الزمنية التي يحتاجها تحويل النظام الإداري المدني من نظام روتيني فاشل و عاجز إلى نظام إحترافي فاعل، يمكن التعويل على الإمكانيات الهندسية العسكرية لإنجاز بعض من مشاريع البنية التحتية التي لا تحتمل لتأخير.

من هنا يتضح لنا مدى التكاملية بين أبناء الوطن و مدى عدم إستغناء اي مكون للمجتمع عن الآخر.

المشكلة و معنى الوجود:
مشكلتنا بإختصارهي تركة النظام المخلوع من التصحر الثقافي و بالتحديد في ثقافة الحوار و قبول الآخر، و هي مشكلة سهلة نسبياً ما إن تجاوزناها أصبحنا في طريقنا نحو مشروع حضاري إنساني، يجعل الواحد منا ينظر إلى الوراء عند الإنتهاء الوشيك لرحلته في عالمنا هذا و لسانه لا يلهج إلا بالحمد و الرضا و الثناء.

Comments

Comments are closed.